مالم يحدثونا عنه

6

ها أنا كعادتي أجر خطاي نحو الأماكن الفارغة و البعيدة لأكتب..

لا أعلم حقيقة مالذي سأدونه و لكن الذي أثق به جيدا أنني أتعافى بالكتابة.. كيف ذلك؟ لا أعلم!

ففي كل مرة أمسك فيها بقلمي لأجل أن يسيل مافي صدري من قصص و حكايا امتلأتُ بها أجدني أنفض عن جوانحي ما تراكم فيها ثم يتسلل النور داخلي مجددا و لو كان بشكل بسيط..

و أنا أتأمل ما مر بي ما بين حاضر و ماضٍ لمعت في سماء أفكاري نجوما خلّفتها تلك المراحل المختلفة فأصبَحتْ نورا أهدتي به عندالمُلمات..

نشأت تحت ضلال أمان يُسمى والدايّ♥️

سارت الأيام سريعا حتى تجاوزت عددا من السنين فقدر الله لي أن أفقد الملجأ الأول أو الحضن الشديد و كان أول هزائمي وفاة والدي، ثم أكملت خوض الحياة و بحارها حتى ماج موجها و أغرقتني صديقة لي بخذلانها فقد أخطأت إختيار المركب الأخوي بصحبتها..

علمت عند إذن كيف معنى أن الثقة حينما تبتل بمياه الدنيا و مصالحها تصبح غير صالحة للاستخدام مدى الحياة..

ثم أدركت جيدا أن لبحار الحياة بواطن مظلمة يجب علينا أن نتعلم كيف نتجاوزها و أن المصباح الذي يرافقنا لابد أن يكون الحذر و الحيطة مع التأني كثيرا، و لنا في الناس أبدال و في الترك راحة..

فمضت أيام و ليال و مضى معها ما مضى..

و بين تحقيق حلم و تشاف من فواجع الفقد في هذه الدنيا و في وقت لم يكن بالحسبان قُبض صفي روحي و حبيب قلبي  ففُجعت به و بقيت بين الذي يخاف أن يفقد بشر الصابرين) و بين التي حالها

( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا)!

كُسرت في عيناي مباهج الحياة!

فالحب شيء!

و الفقد شيء!

و فقد حبيب أشياء مختلفة تماما..تشبه اصابتك بفقد العافيةحفظ الله لكل منا عافيته

أتعلم أن من العافية أن تألف وجود صديقك و حبيبك و أمك و أبيك و أخيك و زوجك! و في فقد أحدهم بلاء و التعافي منه درجات كما أن للحروق في طبقات الجلد درجات و لكن مصيرها للتشافي..

عند كل مرة أتعلم كيف أواجه ما يعترض طريقي ثم بفضل الله  أنجو و أنا ممتلئة بروح جديدة و مشاعر متفائلة.. و لكن هذه المرة حاولت كثيرا و بطرق شتى و لم أنجح!

نعم للأسف لم أنجح..فشلت فشلا ذريعا و لم يكن ناتجا عن استسلام مني و لكن كان بحكم الفرض الواجب الذي لا مفر منه.. علمت حينها أن من المسلمات التي لابد لنا منها التسليم و الرضا طوعا أو كرها فهذه عقيدة!

إنني أقتل الحنين في قلبي لكي لا أتألم!

و أهجر الشوق طوعا لأستطيع الحياة!

ما أود قوله أن الأمر ليس بالسهولة التي تظنها أبدا

هي تفوق تصورك، و لا تملكها بيديك و لا تقدر على ترتيب ما يحدث بعدها و لا كيف تتعامل معها، هي من وعثاء السفر في هذه الدنيا فماأربط به على قلبي و ما أحدث به قلبك كذلك أن كل قدر يقدره الله لا يكون إلا خير، فمن فقه أن ناصيته بيد رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما عَلِم  أن الأمر كله بتدبير من كَمُلت أسماؤه و صفاته  العالم و العليم الذي يهيئ لنا ما يلائمنا بالطريقة التي تكون لمصلحتنا!

لم يحدثنا أحد من قبل بأن الفقد يأكل القلب و يُميت حياته..!

ليتهم قالوا لنا أن المصائب واجبة و تشيخ بالأرواح و إن كنا في عمر الزهور

ليتهم رسموا لنا شكل الخوف و الفقد ثم أخبرونا عن المخارج الآمنة

ليتهم حدثونا أن في الخلائق من تغلبه نفسه الأمارة بالسوء فيخونك بعدما تأمنه

ليتهم أخبرونا بأن طرق الحياة وعرة و أن الصبر فيها مُر و حلاوته لا تأتِ في غمضة عين و أن راحة القلب في الرضا و أن إرادة الله تغلبالأسباب لأنه أعلم و أحكم فعليك أن تُسلم بقلبك و لا يكون هذا التسليم واقر في قلبك إلا بإطالة سجودك و طلب ذلك منه سبحانه مع تعاهدكتابه!

ليتهم قالوا لنا  أنه يجب علينا أن لا ننفك عن القرآن في كل يوم و ليلة إلا بعد أن تكتحل أعيننا بآياته و ألسنتنا تستقي من حلاوته فلا تجف صدورنا و تصبح جوارحنا ندية مورقة رغما عنا ..

يا صديق حرفي و قارئ كلماتي تيقن

بأنك لست الأول و لا الأخير ألما و لا الأشد بلاء و لا الأكثر فقدا و لكن قد تكون ضمن دائرة البلاء نعم!

ما تحتاج إليه أن تؤمن بأنها ستنتهي أيام البلاء فهي مثل فصول السنة تأتي و تذهب   

و ستبدأ الحياة بك حينما تدرك أن الراحة في الخلود الأبدي بين رياض الجنان الذي لا موت فيها و لا فقد و هذه هي حال الدنيا

يا صديقي..ليس لك أن تيأس من أمر ما!

هل تتذكر أول آلامك و أول دمعاتك و خوفك و انهزامك!

و هل تتذكر الليالي التي كان سوادها يغشى نهارك فكنت تشبه الجثة الهامدة! كم فكرت و حاولت أن تجد مخرجا لروحك!!

هل تتذكر محاولاتك النفسية و تصبرك و لجوئك إلى الله!!

ثم كم من خير كان في دمعتك التي لا تعلم انت منها غير أنها مؤلمة!

كم شر صُرف عنك لخير يريده الله بك و أنت تجهل ذلك و لو علمته و أدركته لهدأ قلبك و ارتاحت روحك!

ارض بما يكون بعد عملك للأسباب و تأكد أنك تجهل الخيرة لأن الرضا هو أمانك

فإن ضاقت عليك فالله واسع و لا تحسبن أن آلامك و ما ألم بك تذهب سدى فالله شكور يشكر للعبد صبره و تصبره و مجاهدته و حسن ظنه.

أنت لست ضعيف و لكن قد تتعب من شدة المقاومة! لا بأس فكل ما بذلته في كتاب عند ربي لا يضل ربي و لا ينسى

الله يحصي لك كل الحياة و همها و كدرها و تقلبها

و وجعها لا يغفل عن شيء أبدا حتى الشوكة تكفر سيئات و ترفع درجات.

طهور لكل روح متعبة و العقبى لكم بالمسرات

و طبتم و طابت أيامكم بالهناء و العافية.

كتبته/ أحلام الشريف

6 تعليقات
  1. ميسو يقول

    كلام جميل ورائع يلامس ما بداخلنا .. هكذا هي الحياة دار كبد .. لا غيب الله الفرحه عن قلبك الجميل ..

    1. ahlam يقول

      أهلا ميسو..شرفت بك 🌷
      دامت سعادتك و بهجة قلبك

  2. غير معروف يقول

    كيف لكلماتك ان تلامس قلبي لهذا الحد ؟!

    سلمت يمينك 🤍

    1. ahlam يقول

      سلمت و دامت الفرحة لقلبك ♥️♥️

  3. غير معروف يقول

    حدثتنا الحياة عن هذا ، هي أشياء لابد أن تُعاش كي نعرف كيف نتجاوزها.

    1. ahlam يقول

      أهلا بصديقتي♥️ هي هكذا.. و أنا أخبر من هم بعدنا🌷

اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.