مسألة وقت!

0

مسألة وقت جملة تتكرر دائما على الألسن للمواساة و التخفيف من ِثقل زمن الانتظار ومرارة الصبر، هي عبارة قصيرة من ثمانية أحرف ولكن مسألة الوقت هذه يختبئ خلفها رحلة طويلة شيئا ما وتحمل بين طياتها من المعاني الكثير، لا يقصد بأنها ستنتهي تلك المدة وأنت معانقا لأحلامك ومودعا لآلامك خلال زمن قصير؛ ولعل ذلك يحدث ولكن ليس على الدوام

قد تكون جملة مسألة وقت أو مع الوقت سينسى أو كفيل الوقت بالتئام جروحه وما شابهها من عبارات هي في الواقع تعني ساعات تمتد إلى أيام وليال وتعاقب للأشهر، وربما يطول بك الحال إلى سنوات وأنت تقف على نافذة الرجاء   لتصافح جملة من أفراحك

  تمر بك اللحظات التي تتجرع فيها حر ما تجد فتنهار قواك وبعدها تقف مُلملم ما تهشم فيك بكل قوة وتجاسر، ويأتي عليك فصل جديد تكن فيه غير مباليا بما أنت فيه! ثم يستحوذ عليك الحَزن وتأكل قلبك الكآبة، وبعد أيام يتملكك الأمل ويتجدد فيك السرور، وهكذا مشاعر متباينة في اضطراب متكرر خلال فترة ليس معلوم مداها وإنما هي رحلة من الصبر و الانتظار

 وفي تلك الأثناء وبشكل غير ملحوظ وعلى مهل تتغير نظرتك نحو الحياة وتكتسب معان جديدة فتؤمن بها و تتخلى عن أخرى، أنت تتعلم و تكبر و تنضج، فيتسع أفق الرؤية لديك أكثر من ذي قبل دون جهد منك؛ هذه هي مسألة الوقت!

تتبنى أفكار لم تكن لديك وتتغير ملامح شخصيتك وإن لم تكن بصورة كلية تكن في أجزاء منها؛ ويعتمد ذلك على قوة الحدث الذي أنت فيه وطول المدة التي تعيشها حتى انقضاء مسألة الوقت هذه!

ربما تخيلت في بدء الأمر أنها أيام قلائل وينتهي معها ماتجد في  ساعاتك القادمة ثم لا يحدث هذا فتصاب بالإحباط! 

وفي وقت ما يتراءى لك في أفق سماء أمنياتك التي بلغت بها النهايات حيث لا تريد؛ انبلاج ولمعان لبدايات جديدة وعوالم مختلفة لم تكن بالحسبان، بهوية تليق بك أكثر وتنتمي إليها وبشدة، 

حينها تقف وأنت ابن الميلاد الجديد وكأنك للتو خرجت على الحياة بعد أن قضيت ليال من العتمة في رحم البلاء! فتتعرف على ذاتك الجديدة وتجدها أجمل مما عهدتها عليه في السابق، فأنت أكثر رشدا

عيناك تنظران عاليا نحو النور دون انهزام للوراء، متجاوزا لما تلقاه في طريقك من عوائق بثبات، مدركا إلى أين تريد عازما على ما ترجو، تحمل في ذهنك مُحصلة تلك الدروس التي خضتها ، تعي معنى اللحظة الراهنة! 

منصتا بانتباه

 لأصوات الرياح، وابتسامات المارة وللضجيج في الطرقات، وجلجلة أبواق السيارات

متأملا حالات الطقس، وأشكال السحب

 أنت لا تكترث لما ولّى، ولا تخاف مما سيحدث لأنك تعلمت خلال مسألة الوقت التي عشتها دون أن تشعر؛ ألا تحمل الأفكار معك في كل مكان فتثقل كاهلك ثم تفقدك قيمة اللحظة الحالية 

موقنا أن المواقف الماضية والمستقبلية لها وقتها وزمنها الذي يناسبها ويجدر بك عند إذ الاشتغال بها عن غيرها! 

فقط تشبث بحسن الفأل في تلك المرحلة التي ستنقضي تماما ربما بين التفاتة عين و انتباهتها و ربما كانت بعد عدة أعوام المهم أن تؤمن بالفجر بعد العتمة و العطاء بعد المنع و الغيث بعد الجفاف.

هي حتما مسألة وقت لتكن بخير!

كتبته/ أحلام الشريف

١٩-٥-١٤٤٥هـ

اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.