وقفة تأمل
أهنئكم و نفسي بلوغ هذه العشر المباركات التي أقسم الله بها في قوله:
( و ليال عشر) و لا يقسم سبحانه إلا بعظيم، فمع بداية غروب شمس ذو القعدة بدأ التذكير بفضل عشر ذي الحجة و تداول ما ورد فيها من الأحاديث و منها قوله صلى الله عليه و سلم :
(ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)
لنتأمل كلمات هذا الوحي لعلنا نشحذ الهمة و نستشعر مدى عظمة ما نقرأ و نسمع، فينعكس ذلك على جوارحنا و نعمل و نحن نتذوق لذة الطاعة و لو القليل منها؛ يقول عليه السلام:
مامن أيام: أي جميع أيامك التي تعيشها و الساعات و الأسابيع خصت من بينها (هذه العشر)
أعظم: أنها أيام عظيمة يختلف فيها الأجر للعمل كما يقول ابن عثيمين رحمه الله: ( من صلى ركعتين أو تصدق بصدقة في العشر أجرها ليس مثل صلاته أو صدقته في العشر الأواخر من رمضان، فالأفضل هو أيام عشر ذي الحجة)
عند الله: لو نتفكر من الله!
هو الذي وسعت رحمته كل شيئ و أنت شيئ و أنا شيئ، الذي بيده سبحانه ناصية أمورنا كلها دقها و جلها
الذي يرى سعة صدورنا و ضيقها في الوقت الذي لا يعلم فيه أحد ذلك عنا.
الذي رزقنا كل فرحة ماضية و أعاننا على كل نائبة و أخرجنا من العسر لليسر.
هو سبحانه من يجازينا بالستر على ذنوبنا و لا يكشف لغيرنا إلا صالح أعمالنا.
هو من ينزل كل ليلة و يقول في السحر هل من داع فأستجيب له، هل من سائل فأعطيه! هل من مستغفر فأغفر له، سبحانه لا إله غيره فاللهأكبر من كلماتنا و تدبرنا فلك أن تتفكر في ألوهيته ما استطعت.
و لا أحب إليه العمل فيهن: أي أنه سبحانه أحب إليه العمل الصالح في هذه العشر على وجه الخصوص.
فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد:
من المأمور و المخاطب؟
أنا و أنت
ما هو الأمر!
أن نكثر من:
التهليل: لا إله إلا الله
التكبير: الله أكبر
التحميد: الحمدلله
أخبرنا في هذا الحديث بفضل الزمان و العمل فيه و عظمته عنده –سبحانه و تعالى– فبأي جهد نستقبل هذه الأيام!
ربما تكون هذه العشر سببا لدخولنا للجنة و زحزحتنا عن النار! أو لعل العمل فيها يرقّي منزلتنا في الجنات! و رب دعوة ترفع فتكون إجابتهاأضعاف ما نؤمل!
الساعات التي نعيشها ليست مثل أي يوم و لا ساعة و كأنها كنوز كل يأخذ منها ما يحتاج ليدخره في آخرته، فلنري الله من أنفسنا خيرابقدر المستطاع، فالنفس و الهوى و الشيطان ليست بطبعها الانقياد و لكن من صدق جاهد نفسه و من جاهد أفلح بإذن الله و أعانه سبحانه.