بين طاولة وأخرى
مرحبا..
يقول الكاتب نك ڤويتش الذي ولد بلا أطراف في 📒 حياة بلا حدود:
“أدركت أنه بينما كنت أفتقر للأطراف، إلا أنني كنت أملك الكثير من الأشياء الأخرى التي تستحق الشكر.“
أثناء حياتي القرائية، كان لكتب السير الذاتية والمذكرات الشخصية النصيب الوافر من المجالسة
سرت بين عوالم مختلفة، دخلت منازل شخصيات متعددة، رأيت عادات وثقافات في أزمنة بعيدة، يقيمون في بلاد متفرقة، جمعتني بهم متاجر الكتب.
أناس دونوا مراحل فصول حياتهم أو جزءًا منها، رسموا تفاصيل مشاعرهم، يحكي الواحد منهم على بياض الصفحات ما مرّ به من ألوان الحياة المختلفة.
في كل مرة أبدأ بقراءة مذكرات أو إحدى السير، كنت ألتقي بكُتاّبها وأصافحهم على طاولة وأخرى، أرخي ركبتي لأجلس أمامهم، سواء في هدأة ليل أو مع إشراقة شمس وضجيج السعي نهارًا. أسير معهم أينما كانوا، وأنصت إلى أصواتهم عبر أقلامهم التي يسيل حبرها بين الأسطر لتروي بعد حكايتها للتفاصيل خلاصة ما ظفروا به من عدد أنفاس يتكئون عليه أثناء عدوهم في مضمار المعيشة نحو الحياة وما كان بين طياتها.
بعد كل مرحلة من التعثر وألمه، واليأس والمجابهة، يسرد كلٌّ منهم من منظوره كيف كان التجاوز والتعافي، وما هي المكاسب والخسائر.
يرفعون ما بقي في قبضتهم من أحلامهم، ويتذكرون كيف ضاع غيرها، ويتلمسون الخير الذي كان في فواتها، والأبواب التي فُتحت وأخرى أُغلقت.
احتفظت ذاكرتهم بأصدقاء المواقف، وأثر الأيادي التي امتدّت بمثابة الكتف، والأذرع التي التوت ولوت.
كم أقرّوا بجميل الكلمة الطيبة، بل العبارات الحانية والمشجعة منذ سن الطفولة حتى الكهولة، وبالنسبة إليهم، لم يمت أصحابها، بل عالقون في أذهانهم مع صورة المكان ورائحة اللحظة يُدينون لهم بالكثير من الجميل، وكأنهم كانوا جزءًا من العزاء، يُسليهم بعدما خاضوا شدة الأيام ولينها.
الرابط المشترك بين هؤلاء الكتّاب هو بذلهم خلاصة خبراتهم، علّ فيها فكرة نيّرة، أو مواساة لأحدٍ ما: لست وحدك.
في اعترافاتهم نبرة ندم على ما لم يُفطنوا لأهميته، ومحاولة لفت انتباهك نتمنى ألا ينال منكم الندم، وكأن لسان حالهم يقول:
هذه حياتنا، فخذ منها عبرة، لعلّ حياتك تكون أقل خطأ وأكثر اتزانًا، فيها من عُرى الأمل، والإيمان بالله، والرجاء، مايكفي لتضيء بعض العتمة.
وبعد كل ما طفتُ بينها متأمّلة، دونت بعض الاقتباسات بعنوان “حيوات”في قسم يخصها لمن أراد
أتمنى لكم أيامًا حنونة، وقوةَ رضا تُهزَم بها كلُّ الفوائت، وشجاعةَ خطواتٍ إلى الأمام بعد كل انكسار، وجلاءً في الرؤية بعد كل ضباب، وامتلاء صدوركم بيقين الخير والخِيرة، جملةً وتفصيلًا.
دمتم في أمان الله
كتبته/ أحلام الشريف
1446-10-25