رسالة واردة!

6

مرحبا..

وجدتُ في ملاحظاتي هذه الرسالة، كنتُ قد كتبتها في إحدى الدورات الكتابية كنموذج لفن الرسائل

إلى صديقتي، وملح الحياة

من شيم الكبار العفو عند المقدرة، وقد عرفتكِ كبيرة الأخلاق، رقيقة المشاعر، أعتذر عن تقصيري في حق ودٍ بنته الأيام بيننا، وأبانته الشدائد، واعلمي أنني ما شغلت عنكِ إلا لألمٍ ألمَّ بي وخفي عنك.

فكوني على ثقة بأنكِ لا تزالين القلب الذي أحب.

دمتِ ضحكة الحياة، وحلاوتها

المرسلة: أحلام الشريف

أن تكتب رسالة يعني أن تتحدث بعقلك، وقلبك، وعينيك!

فالرسائل هي اللغة الأدبية بين الأقران، وحكايا الغرام، يذلّ فيها الحرف متوددًا إذا أُرسل إلى حبيب، ويتعالى إذا أوجس خيفة من صديق

نرى كيف يتلفّت القلب إلى تنبيه “رسالة واردة”، ويبقى الشعور يقظًا حين نكون على موعد مع لهفة شوق أو انتظار؛ أتذكر أنني لمحت هذا المعنى مرة ضمن رسالة بعث بها الكاتب صباح الدين علي إلى علية زوجته ووالدة ابنته:

حبيبتي جدًا عليّة:

“كدتُ أقفز من قمة الفرح لحظة أن وصلتني رسالتكِ. والآن صار لقاؤنا مسألة يوم. فإن سطوركِ التي كشفت عنانشغالكِ بي، وطدت أكثر روابط قلبي بكِ…الخ”

وفي معرض رسالة أخرى لها، أرسل يقول:

“…يبدو لي أن صداقتكِ العذبة ستجعلني أخط كتابات أقل يأسًا وأكثر ابتهاجًا فيما بعد…الخ”

كيفما كانت تلك الرسائل، فهي شعور يروي شعورًا آخر، دائما ألتمس فيها صبغة أدبية لها نكهة خاصة مهما اختلف الغرض أو الوجهة

كتب عمرو بن العاص ردا على عتاب ورده من معاوية رضي الله عنهما:

“طَاوَلَتْكَ النَّعَمُ ، وَطَاوَلَتْ بِكَ، عُلُوُّ إِنْصَافِكَ يُؤْمِنُ سَطْوَةَ جَوْرِكَ ؛ ذَكَرْتَ أَنِّي نَطَقْتُ بِمَا تَكْرَهُ وَأَنَا مَخُدُوعٌ ، وَقَدْ عَلِمْتَأَنِّي مِلْتُ إِلَى مَحَبَّتِكَ وَلَمْ أَخْدَعْ، وَمَثَلُكَ شَكَرَ مَسْعَى مُعْتَذِرٍ، وَعَفَا زَلَّةَ مُعْتَرِفٍ .”

 يدهشني في أدب الرسائل ملاحة الحرف، وبلاغة المعنى، وعناق الفكرة للقارئ؛ لتصف، وتشرح، وتتدارك، وتختصر مسافات المواقف والزمان

ومما يحضرني هنا مقتبس من رسالة للكاتب ميخائيل نعيمة أرسلها إلى صديق له قائلا:

“والمهمُّ أن نجعل الزّمن خادمنا فنسوق السّاعات والأيام بدلاً من أن تسوقنا..

والمهمُّ ألّا يغرب عن بالك أني معك وأنك معي في كلّ حين. فحيوات الناس كالخيوط في نسيجٍ لا بداية له ولا نهاية؛تتقارب آونةً وتتباعد أخرى، وتتّصل هنا وتنفصل هنالك، إلّا أنَّها وحدةٌ متماسكةٌ في نسيجٍ متماسك. فعلاقةٌ تبدو لكابنة اليوم لَأقدمُ في الحقيقة من اليوم ومن كلِّ يوم. وإذا ما حسِبتَها“جديدة” فلأنَّ أوَّلَها وآخرهاماضيها وآتيهاقد غابا عن الحسِّ الذي لا يعي غير المحسوس من الزمان الحاضر…الخ “

….فأنت، وإن حسِبتَ أنك ما اتصلتَ بي إلّا أمس، كنتَ أبداً على فتحة جفنٍ منّي….الخ”

أصدقاء مدونتي..

باتت أجفانكم نديةً بالفرح، ودامت أيامكم سمحة هينة لينة

وبما أن هذه التدوينة تصادف أواخر ليالي هذا العام، فكونوا على يقينٍ بأن في النهايات بداياتٍ لم تكن في الحسبان.

وأن في أمان اللحظة الراهنة ما يستحق الاستمتاع به،أما الغد فمحفوف بالمخاوف في أذهاننا لقصور علمنا

ولكن كل مجهولٍ لدينا، معلومٌ عند الله، وهذا وحده كفيل لنطمئن

كونوا بخير وسعداء، واكتبوا رسائلكم دون مناسبة لصناعة مناسبة مختلفة👌🏻

كتبته/ أحلام الشريف

1446-12-28

6 تعليقات
  1. أفنان يقول

    ما زلت أعود إلى هذه التدوينة؛ لأقراها مستمتعةً بها.
    الرسائل:
    علامة الحياة في روح البوح!
    هي أحسن ما يجعلني أبدو في مزاج منفتح على الدنيا الحلوة..
    ولذلك؛ كل رسالة لا تحمل هذا المعنى؛ فهي عندي جريمة قتل!
    أو عبث الهارف بما لا يحسن؛ كالطفل يمسك بارودة! أو الترفة تلبس خوذة!!
    أو حتى أهبل يخوض بين الورق ولا يدري لم خُلقت!!

    ..
    أحلام..
    صديقة المكتبة والأوراق والرسائل؛ أنتِ ديمة وتالة! وأثر البسملة في ألطف رسالة..!!

    دمتِ مهطالة🤍

    1. ahlam يقول

      مرحبابك والله وبحرفك وبرسائلك المختلفة دائما😊🌹

  2. emi يقول

    والمهمُّ أن نجعل الزّمن خادمنا فنسوق السّاعات والأيام بدلاً من أن تسوقنا..

    راااائعة متألقة في كتاباتك واختياراتك كعادتك 🩷

    1. ahlam يقول

      أهلا ومرحبا 🤗 تسلمي والله 🌹

  3. مي يقول

    رائعة وصاحبة قلم متألق دائمًا

    1. ahlam يقول

      تسلمي🌹🤗

اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.