نحن أعينهم التي يقرأون بها
من واقع تجربة أن تكرار المحاولة في أيا كان ينال صاحبه شرف الوصول لا محالة، بدأت القصة مع تلك المرأة التي كانت تشعر بقذى في عينيها من وقت لآخر؛ نتيجة لدخول شعيرات حاجبيها اللذان تقوسا لكبر سنها، أمية لا تعرف القراءة و الكتابة و الكثير من مصطلحاتها، لا تعلم رسم الحرف و لا اسمه!
بدأت عليها علامات كبر السن التي لا مفر لبني آدم منها، غزى الشيب شبابها ففقدت جزء كبير من جدائلها، و ظهرت التجاعيد على ملامحها، تأتيني و تقول لا أعلم لم جفني مترهل! أترين ما أراه! هل صار عيبًا ظاهرًا!! أجهل بم أجيبها! أحاول أن أتدارك الموقف سريعا فأطمئنها ثم تمضي، تقضي ما بين الست ساعات من يومها و قد تزيد و تنقص وهي تمسك القلم القارئ تبدأ من الفاتحة حتى تنتهي إلى الإخلاص، تتبع السور، ثم تسأل ما معنى هذه الكلمة! أحاول أن أقرب لها المعنى فتكمل، تقف فجأة و تقول لا ينطق القلم في هذه الصفحة!
فيكون لأن اسم السورة كان نهاية الصفحة السابقة، آتي إليها و أضع رأس القلم على ذاك المربع فيستجيب و تعجب هي! أقول لها هنا اسم السورة فهذه علامة لها في الجزء كذا من تقسيم القرآن!
لبرهة تحدق بي تريد استيعاب معنى اسم سورة و جزء! و بعد انتهاء كل سورة تسألني أين السورة التالية؟ فأشير لها و هكذا في كل مرة!
تطلب مني أن أتمهل لتضع فواصل تميزها لها و تقول: يا بنتي الذي لا يقرأ أعمى!! تبرر لي تمييز السور بعلامات! فهي في عينها رسومات لا تعلم ترجمتها!
و فجأة و هي في المنتصف تتحدث بلهجة بائسة هل تكفي قراءتي بهذا الشكل؟
يشغلها كثيرا كيف تتقن و هي لا تستطيع!
وفي يوم ما أغلقت القلم و بدأت تضع اصبعها على رأس الآي و تقرأ حتى انتهت من الوجه الثالث من البقرة! وقفت أمامها حبيسة الرد من عجبي!! سعيدة لأجلها و عيناها تظهر عليهما بريق الفرح!
ولعل هذا كان مواساة لها في الوقت الذي تعذر عليها حضور صلاة التراويح لهذا العام في المسجد لِما بُلينا به من غُمة، فكانت أول صلاة لها بتلك الآيات التي حفظتها!
كثير من الآباء و الأمهات لم يحالفهم الحظ في أن يحضوا بمقاعد دراسية! و لكن كان عوضهم أبناءهم، فنحن أعينهم التي يقرأون بها، تأملت حينها كوننا نجيد القراءة نعم و لكن كم منا من يدرك أن سهولة قراءته لكلام الله نعمة حُرم منها الكثير؛ فهي أُولى أمنياتهم!
استشعار النعم يجعلنا ندرك قيمتها مما يبث في النفس شعور رضا و سعادة يخفف علينا وطأة الأزمات، و أن المستحيل البعيد في أعيننا ربما يحتاج منا إصرار فقط ليكون؛ و تقر أعيننا به.
كتبته/ أحلام الفيصل
1441هـ
اسم معبر رائد عميق… ولد في نفسي امران
القصور والعجز تجاه الوالدان وكبار السن الغير متعلمين. والامر الاخر الاصرار والعزيمة على اخذ الكتاب بقوة فمثل هؤلاء حجة علينا يوم القيامه ان تقاعسنا
جميل👍🏻
’’ فنحن أعينهم التي يقرأون بها ‘‘
تدوينة رائعة جداً ،،
دمتِ بخير وسعادة ،،،
شاكرة لك، أدام الله عافيتك
جميلة هذه المدونة 🥺💕 فعلاً نحن اعينهم التي يقرأون بها لامستني كثيراً هذه الجُمل ..
ابدعتي في سردك لهذه القصه رغم موقفها البسيط إلا أنه موقف نقف لنتأمل فيه مثابرتها على القراءه ..
وقد نغفل نحن كثيراً عن قراءة القرآن مع الأسف في ايام عاديه .. 💔
سلمت يداك صديقتي ..
دمتي بخير و رمضانك سعيد .. 💕
رمضانك مبارك يا رفيقة 🥰
وسلم مرورك ❤️